في الرقة.. لا فرق بين سجون النظام وتنظيم الدولة
يقول ناشطون بالرقة إن ممارسات تنظيم الدولة الإسلامية لا تختلف عن النظام السوري، فالتعذيب والإهانة والإذلال داخل السجون واحدة، والتجسس على الناس والوشاية ببعضهم واحد، حتى بدأ أهالي المدينة يضيقون ذرعا بالممارسات ولسان حالهم يقول "هربنا من النظام فجاءنا التنظيم".
أحمد العربي-الرقة
وتعود قصة اعتقال أبو الخير إلى أنه كان مع أصدقائه في أحد الأيام وسط مدينة الرقة لشراء بعض الملابس فأوقفتهم دورية تابعة لما تسمى "كتيبة الحسبة"، ونزل منها خمسة أشخاص ملثمين ويحملون السلاح وبدؤوا بتفتيش دقيق لهم دون ذكر الأسباب أو التهمة، ووجدوا بحوزته علبة سجائر، فاعتقلوه على الفور.
ويضيف أبو الخير "أخذوني إلى مقر كتيبة الحسبة ووضعوني في غرفة لا تتجاوز مساحتها العشرين مترا مربعا وفيها نحو عشرين شخصا، لكل واحد منهم حكاية وقصة اعتقال شبيهة بقصتي".
ويتابع أن "مسؤول السجناء أخذ يجرني ويركلني وكأني موقوف بأحد أفرع مخابرات النظام السوري لتشابه العقلية والتعامل معنا، وأدخلني إلى غرفة أخرى ليأتي بعد دقائق ثلاثة أشخاص أعمارهم لا تتجاوز 25 سنة وأحدهم يمسك بيده عصا رفيعة وطويلة ليقوم الاثنان الآخران بتكبيل يدي ودفعي إلى حائط الغرفة ويبدأ الثالث بجلدي بقوة".
ويختم بالقول "بعد ثلاثين جلدة توقف العقاب، وقالوا لي التدخين حرام ويجب عليك عدم العودة إليه، وإن ضبطت بعدها وأنت تدخن أو شممنا منك رائحة الدخان فسيكون عقابك أشد وأقوى".
ترهيب واعتقال
ويقول ناشطون في المدينة إن تنظيم الدولة وبعد سيطرته على المدينة وريفها اعتمد "سياسة الترهيب والاعتقال التعسفي بحق كل من يخالفه أو يخالف القوانين والتشريعات التي يصدرها في الرقة".
ويتهم هؤلاء التنظيم بإنشاء العديد من السجون التي تكتظ بالمعتقلين من أهالي الرقة والسوريين وحتى الأجانب.
أحد هؤلاء الناشطين هو ماهر المفتي الذي يؤكد أن أهالي المدينة يعانون من كثرة الاعتقالات من قبل تنظيم الدولة، حيث وصل عدد المعتقلين والمفقودين من الرقة وريفها لدى التنظيم -منذ سيطرته على المدينة في فبراير/شباط الماضي- إلى أكثر من ألفي شخص.
وأضاف للجزيرة نت أن التنظيم "يعتمد سياسة المراقبة والتجسس عبر كتائب الحسبة المختصة بالرجال وكتيبة الخنساء المختصة بالنساء، إضافة إلى مئات المدنيين المناصرين له الذين يعملون لصالحه للتجسس على أهالي الرقة والتبليغ عن كل من يتكلم عن التنظيم بسوء أو يتجاوز قوانينه، ليتم اعتقاله على الفور دون التثبت أو إظهار الأدلة".
ويتابع أن "هناك حالات اعتقال كثيرة سجلت لدى التنظيم وحالات تعذيب وقتل ضمن الاعتقال دون التصريح من قبل التنظيم عن أوضاع واتهامات تلك الحالات وأسباب الاعتقال، إضافة إلى حالات الجلد الشديد للمعتقلين ولأسباب لا تستدعي ذلك".
خروقات وعقوبات
وعن أبرز "المخالفات والخروقات" التي يحاسب التنظيم عليها ويعتقل الناس لأجلها في الرقة يوضح المفتي أنها "خروج النساء دون محرم، وعدم ارتداء الزي الشرعي، والتدخين وبيع التبغ، وسماع الموسيقى والأغاني، وبيع الأقراص المدمجة التي تحتوي على أغان أو موسيقى أو أفلام عربية وأجنبية، وحلق الشباب ذقونهم، وعدم الصلاة في المساجد، ودراسة مواد الحقوق والفيزياء والكيمياء وعلم الاجتماع، لأن دراستها حرام من وجهة نظر التنظيم".
ويؤكد المفتي أن سجون التنظيم في الرقة تنقسم إلى أربعة أنواع: النوع الأول سجون لإيقاف المسجونين فيها طوال فترة التحقيق معهم، ويمكن أن يبقى السجين فيها من يوم إلى شهرين، والثاني سجون للسوريين فقط، حيث تكون مدة السجن فيها من شهرين حتى قضاء مدة الحكم الذي صدر بحق المسجون.
أما النوع الثالث فهو سجون الشخصيات المهمة والفاعلة كما كان الحال مع الصحفيين الأمريكيين الذين تم إعدامهم قبل فترة وكذلك الأب باولو، والنوع الرابع سجون للقادة والأمنيين التابعين للتنظيم الذين خالفوا القوانين.