تعمل نساء سوريات بصمت لإنقاذ الأرواح في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، متحديات وابل القنابل الذي ينهمر من طائرات النظام السوري يومياً على هذه المناطق، فيما تلهم شجاعتهن نساء أخريات للانضمام إلى هذا العمل الإنساني المحفوف بالمخاطر.
تقول صحيفة "كريستيان ساينس مونتر" إن "ثلاث فرق نسائية تعمل الآن بالكامل ضمن وحدات الدفاع المدني المعروفة باسم "الخوذ البيضاء"، تحت إدارة المعارضة السورية في حلب وإدلب، لإنقاذ الأرواح من القصف والمعارك الدائرة هناك".
وتقول حسنة شواف التي كانت معلمة تدرس الرياضيات، وهي الآن عضو في فريق إنقاذ نسائي في معرة النعمان: "إن المشاهد التي نراها مشاهد مأساوية لكثرة الإصابات، ولكننا اعتدنا عليها مع مرور الوقت"، وتضيف: "هذا هو الواقع وعلينا أن نتكيف معه".
مجتمع محافظ
وتضم وحدات الدفاع المدني 2052 متطوعاً يعملون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وحين تنهار المباني تحت قصف طائرات النظام يكون هؤلاء المتطوعون أول من يهرع إلى المكان لإزالة الأنقاض، والبحث عن ناجين، ونقل المصابين إلى أقرب مركز طبي.
وتشارك حسنة شواف ورفيقاتها في أعمال الإنقاذ إلى جانب الرجال، وكانت قد انضمت إلى وحدات الدفاع المدني منذ شهرين، لكنها تقوم الآن بتدريب الجيل الجديد من الفتيات للانضمام إلى فرق الإنقاذ، وتقول شواف: "إن والديها اعترضا في البداية على فكرة التحاقها بوحدات الدفاع المدني، لكنهما الآن يريدان أن تسير شقيقاتها أيضا على خطاها".
تضيف شواف لصحيفة كريستيان ساينس مونتر: "في البداية واجهتنا مصاعب لجهة قبول المجتمع لفكرة عمل النساء في الدفاع المدني، إذ بدا ذلك فكرة غريبة، ولكن بعد أن بدأنا العمل وأثبتنا لهم ما باستطاعتنا فعله، أصبحت الفكرة مقبولة على نطاق واسع، حتى إن عائلات كثيرة باتت تشجع الآن بناتها على الانضمام".
وقد أظهرت بعض الحالات أن وجود فرق الإنقاذ النسائية في مجتمع محافظ يمكن أن يشكل فارقاً بين الحياة والموت، فعلى سبيل المثال رفض مالك بيت قصف في بلدة جسر الشغور مؤخراً، السماح للرجال بإسعاف النساء المصابات، فيما قبل بدخول فريق الإنقاذ النسائي للمنزل وتقديم الإسعافات الضرورية.
رفع الوعي
ومن جهته، يقول رائد صالح، أحد مؤسسي وحدات الدفاع المدني في إدلب، إن "تشكيل فرق نسائية ساعد في رفع الوعي بمخاطر القنابل والقذائف غير المنفلقة في المنطقة، وتقديم مساعدة نفسية بعد الصدمات العنيفة".
يضيف صالح أن "الفرق النسائية تزور البيوت والمدارس لتقديم مساعدة نفسية إلى من هم بحاجة إليها من الأطفال والنساء، وهي تعمل في مجال التوعية بكيفية التعامل مع بقايا الحرب من قنابل عنقودية وألغام مزروعة في المناطق الريفية وعلى امتداد الحدود". ويردف صالح قائلا: "إن المرأة قادرة على توصيل الأفكار إلى الأطفال بصورة أوضح بكثير من الرجل".
ورشات تدريبية
ولا تزال النساء يشكلن نسبة صغيرة داخل وحدات المتطوعين، وقد جرى تدريبهن على تقديم الإسعاف الطبي في حالات الطوارئ وأعمال البحث والإنقاذ الخفيفة، في ورشات أُقيمت في كل من تركيا وسوريا، يقول صالح: "إن وحدات الخوذ البيضاء تسعى إلى زيادة عدد النساء حيث أطلقت لهذا العرض حملة لجمع التبرعات".
ويؤكد العاملون في فريق الإنقاذ "أنهم لا ينتمون إلى أي جهة سياسية، وأن فصائل المعارضة على اختلافها تسمح لهم بالتحرك من دون معوقات وتساعدهم عند الحاجة". غير أنهم فقدوا الاتصال بزملائهم في الرقة التي يسيطر عليها تنظيم "داعش".
وفي وسط الدمار الواسع تمكنت وحدات "الخوذ البيضاء" من إنقاذ أكثر من 10 آلاف شخص، فيما لقي 21 متطوعاً منهم حتفه أثناء أداء عمله غالبيتهم في حلب.
ورغم هذه المخاطر فقد قررت شهد وزوجها الذي يعمل أيضاً في فرق الإغاثة، أن يبقيا في حلب، وقالت شهد: "إن أصعب موقف قد نواجهه هو عدم قدرتنا على إنقاذ أحد ما، بالطبع هناك خوف ولكن ما دامت هناك إمكانية لإنقاذ شخص واحد على الأقل، فإننا نستطيع أن نتغلب على خوفنا".
المصدر: العربية.نت