تعذيب النساء وجه آخر للحرب في سوريا
تعذيب النساء وجه آخر للحرب في سوريا
سلافة جبور-دمشق
"لم أتخيل يوما أن أسجن لمدة ستة أشهر في قبو تحت الأرض، في ذلك الشارع الذي كثيرا ما كنت أسير فيه، ولم أكن أعلم بأن مئات المعتقلين والمعتقلات مغيبون في عتمته".. بهذه الكلمات تصف سارة أيام اعتقالها في أحد الأفرع الأمنية التابعة للمخابرات العسكرية في سوريا العام الماضي، قبل أن تخرج للحرية وتلجأ إلى تركيا هرباً من جحيم السجن والموت.
قالت سارة في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت إنها شهدت خلال فترة اعتقالها أشكالاً لا تحصى من العنف والإهانات والضرب والتعذيب، وأحياناً الاعتداءات الجنسية على النساء من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية.
وأضافت "رغم قسوة سماع أصوات المعتقلين وهم يتعرضون للتعذيب على مدار الساعة، فإن صوت معتقلة واحدة وهي تتعرض للضرب أو للتعليق من ذراعيها -وهو ما يعرف بالشبح- كان كافياً ليخرجنا عن طورنا. وكنت أتساءل على الدوام إن كان المحقق أو الجلاد يشعر باللذة أو التفوق وهو يعذب امرأة لا حول لها ولا قوة، فقط كي ينتزع منها اعترافات على أفعال لم ترتكبها على الأغلب؟ إلا أنني لم أجد الجواب الشافي".
"سارة: المعتقلات تعرضن للصفع على الوجه والظهر والأقدام، والجر من شعورهن رغم أن أغلبهن كن محجبات، ولم يكن المحققون والجلادون يكتفون بالضرب بالأيدي بل تعددت وسائل الضرب"
إهانات وانتهاكات
وبحسب سارة، كانت المعتقلات في ذلك الفرع الأمني وغيره يتعرضن للصفع على الوجه والظهر والأقدام، والجرِّ من شعورهنّ رغم أن أغلبهنّ كن محجبات، ولم يكن المحققون والجلادون يكتفون بالضرب بالأيدي، بل تعددت وسائل الضرب المستعملة ومنها الأسلاك الكهربائية الغليظة والعصي البلاستيكية.
وتابعت "كل ما سبق، إضافة للإهانات والشتائم التي يتعمد المحققون والسجانون إسماعها للمعتقلات، يترك في نفوسهن آثاراً سلبية لا تنمحي مهما طال الزمن، ويعكس إحدى آثار الحرب البالغة الخطورة والتي ستتكشف نتائجها خلال السنوات القادمة".
أما علا -وهي ناشطة تعيش في دمشق، ومعتقلة سابقة في فرع المخابرات الجوية لمدة تسعة أشهر- فقالت "إن آلاف النساء والفتيات في سوريا تحملن أشكالاً كثيرة من العنف بسبب الحرب الدائرة في بلادهن منذ ما يقارب أربعة أعوام، وهو أمر قد يؤدي إلى عواقب وخيمة في المستقبل، حتى بعد انتهاء الحرب".
وذكرت علا، التي تعرضت للتعذيب بالضرب عدة مرات خلال فترة اعتقالها، أن "العنف الممنهج الذي يستخدمه النظام السوري ضد معارضيه -وخاصة المعتقلين بهدف إذلالهم وترهيبهم- ولد عنفاً مضاداً من طرف المعارضين كان له دور كبير في تأجيج الصراع وصعوبة إيقاف الحرب".
الموت أمنية
وأضافت للجزيرة نت "في كل مرة كنت أتعرض للضرب كان ينتابني خليط من مشاعر الغضب والحقد والرغبة في الانتقام. وحتى بعد مضي أكثر من عام على خروجي من المعتقل إلا أن تلك المشاعر لا زالت تراودني. ذكريات العنف الذي تعرضنا له خلال فترة الاعتقال أقسى من أن توصف، ولا يمكنني إلا أن أقول إنني تمنيت وفي كل لحظة الموت، فهو أسهل من الاعتقال بملايين المرات".
وبمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي يوافق 25 نوفمبر/ تشرين الثاني، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 15 ألف امرأة على يد قوات النظام السوري، واعتقال أكثر من 6500 امرأة، إضافة إلى تعرض أكثر من 7500 امرأة لحالات من العنف الجنسي.
كما وثقت الشبكة الحقوقية مقتل 81 امرأة على يد تنظيم الدولة الإسلامية، و255 امرأة على يد فصائل المعارضة المسلحة المختلفة، والتي قامت أيضا باحتجاز أكثر من خمسمائة امرأة خلال سنوات الحرب الدائرة في البلاد.
المصدر: الجزيرة
Comments
No Results Found