البيان العالمي عن حقوق الإنسان في الإسلام
اعتمد من قبل المجلس الإسلامي بتاريخ باريس 21 من ذي القعدة 1401هـ، الموافق 19 أيلول/سبتمبر 1981م
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
فهذه هي الوثيقة الإسلامية الثانية، يعلنها المجلس الإسلامي الدولي للعالم .. متضمنة حقوق الإنسان في الإسلام.
ومن قبل اصدر المجلس الوثيقة الأولى "البيان الإسلامي العالمي" عن النظام الإسلامي متضمنة الأطر العامة لهذا النظام.
وأنه لمن دواعي التفاؤل أن ييسر الله صدور الوثيقتين في مستهل القرن الخامس عشر الهجري ومع تصاعد الحركة الإسلامية، التي تؤذن بصحوة الأمة، والتقاء شعوبها على كلمة جامعة .. دعوة صادقة للعودة إلى منهاج الله تعالى، وسعيا حثيثا لإعادة صياغة المجتمع الإسلامي على أصول هذا المنهاج.
إن حقوق الإنسان في الإسلام ليست منحة من ملك أو حاكم، أو قرار صادرا عن سلطة أو منظمة دولية، وإنما هي حقوق ملزمة بحكم مصدرها الإلهي، لا تقبل الحذف ولا النسخ ولا التعطيل، ولا يسمح بالاعتداء عليها، ولا يجوز التنازل عنها.
ووثيقة حقوق الإنسان في الإسلام - التي نعلنها اليوم - ثمرة طيبة لجهد مخلص أمين، توافر له وتعاون عليه نخبة صالحة، من كبار مفكري العالم الإسلامي، وقادة الحركات الإسلامية فيه، وقد ارتفعوا بها فوق الواقع الراهن، بما يلابسه من اعتبارات الزمان والمكان والأشخاص الخاصة ببيئة أو شعب، فجاءت بحمد الله وتوفيق منه معبرة عن تمثيل صحيح وشامل لحقوق الإنسان، مستمدة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
إن المجلس الإسلامي الدولي - وهو يعلن للعالم كله هذه الوثيقة - ليأمل أن تكون زادا للمسلم المعاصر، في جهاده اليومي، وأن تكون دعوة خير لقادة المسلمين وحكامهم: أن يتواصوا بالحق فيما بينهم وبين أنفسهم، وفيما بينهم وبين غيرهم تواصيا ينتهي بهم إلى مراجعة جادة لمناهج حياتهم، وطرائق حكمهم، وعلاقاتهم بشعوبهم وأمتهم، وإلى احترام "حقوق الإنسان" التي شرعها الإسلام، الذي لا يقبل من مسلم أن يتجاهله، أو يخرج عليه.
كما يأمل المجلس: أن تلقى هذه الوثيقة ما هي جديرة به من عناية المنظمات المحلية والدولية، التي تعنى بحقوق الإنسان، وأن تضمها إلى ما لديها من وثائق، تتصل بهذه الحقوق، وتدعو إلى إقرارها في حياة الإنسان حقيقة واقعة.
والله تعالى أسأل: أن يجزي خيرا كل من شارك في إعداد هذه الوثيقة، وأن يفتح لها القلوب، والضمائر، والعقول، بما يحقق ما نرجوه من التجديد الحق لحياة المسلمين.
باريس 21 من ذي القعدة 1401هـ
19 أيلول/سبتمبر 1981م
الأمين العام
سالم عزام
مدخل
شرع الإسلام - منذ أربعة عشر قرنا - "حقوق الإنسان" في شمول وعمق، وأحاطها بضمانات كافية لحمايتها، وصاغ مجتمعه على أصول ومبادئ تمكن هذه الحقوق وتدعمها.
والإسلام هو خاتم رسالات السماء، التي أوحى بها رب العالمين إلى رسله - عليهم السلام - ليبلغوها للناس، هداية وتوجيها، إلى ما يكفل لهم حياة طيبة كريمة، يسودها الحق والخير والعدل والسلام.
ومن هنا كان لزاما على المسلمين أن يبلغوا للناس جميعا دعوة الإسلام امتثالا لأمر ربهم: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" (آل عمران: 104)، ووفاء بحق الإنسانية عليهم وإسهاما مخلصا في استنقاذ العالم مما تردى فيه من أخطاء وتخليص الشعوب مما تئن تحته من صنوف المعاناة.
ونحن معشر المسلمين - على اختلاف شعوبنا وأقطارنا - انطلاقا من:
عبوديتنا لله الواحد القهار ..
ومن: إيماننا بأنه ولي الأمر كله في الدنيا والآخرة، وأن مردنا جميعا إليه وأنه وحده الذي يملك هداية الإنسان إلى ما فيه خيره، وصلاحه بعد أن استخلفه في الأرض، وسخر له كل ما في الكون.
ومن: تصديقنا بوحدة الدين الحق، الذي جاءت به رسل ربنا، ووضع كل منهم لبنة في صرحه حتى أكمله الله تعالي برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فكان كما قال صلى الله عليه وسلم: "أنا اللبنة - الأخيرة - وأنا خاتم النبيين" (رواه البخاري ومسلم).
ومن: تسليمنا بعجز العقل البشري عن وضع المنهاج الأقوم للحياة، مستقلا عن هداية الله ووحيه ...
ومن: رؤيتنا الصحيحة - في ضوء كتابنا المجيد - لوضع الإنسان في الكون، وللغاية من إيجاده، وللحكمة من خلقه ...
ومن: معرفتنا بما أصفاه عليه خالقه، من كرامة وتفضيل على كثير من خلقه ...
ومن: استبصارنا بما أحاطه به ربه - جل وعلا - من نعم، لا تعد ولا تحصى ...
ومن: تمثلنا الحق لمفهوم الأمة، التي تجسد وحدة المسلمين، على اختلاف أقطارهم وشعوبهم.
ومن رغبتنا الصادقة، في الوفاء بمسئوليتنا تجاه المجتمع الإنساني كأعضاء فيه ...
ومن: حرصنا على أداء أمانة البلاغ، التي وضعها الإسلام في أعناقنا ... سعيا من أجل إقامة حياة أفضل ...
تقوم على الفضيلة، وتتطهر من الرذيلة ...
يحل فيها التعاون بدل التناكر، والإخاء مكان العداوة ...
يسودها التعاون والسلام، بدلا من الصراع والحروب...
حياة يتنفس فيها الإنسان معاني:
الحرية، والمساواة، والإخاء، والعزة والكرامة ...
بدل أن يختنق تحت ضغوط:
العبودية، والتفرقة العنصرية، والطبقية، والقهر والهوان ...
وبهذا يتهيأ لأداء رسالته الحقيقية في الوجود:
عبادة لخالقه تعالى.
وعمارة شاملة للكون.
تتيح له أن يستمتع بنعم خالقه، وأن يكون بارا بالإنسانية التي تمثل - بالنسبة له - أسرة أكبر، يشده إليها إحساس عميق بوحدة الأصل الإنساني، التي تنشيء رحما موصولة بين جميع بني آدم.
وإنطلاقا من هذا كله: نعلن نحن معشر المسلمين، حملة لواء الدعوة إلى الله - في مستهل القرن الخامس عشر الهجري - هذا البيان بإسم الإسلام، عن حقوق الإنسان، مستمدة من القران الكريم و "السنة النبوية" المطهرة.
ومن: تصديقنا بوحدة الدين الحق، الذي جاءت به رسل ربنا، ووضع كل منهم لبنه في صرحة حتى أكمله الله تعالى برسالة محمد صلى الله عليه وسلم. وكان كما قال صلى الله عليه وسلم "أنا اللبنة (الأخيرة) وأنا خاتم النبيين..." (رواه البخاري ومسلم).
تسليمنا بعجز العقل البشرى على وضع المنهاج الأقوام للحياة مستقلا عن هداية الله ووحيه ..
ومن: رؤيتنا الصحيحة - في ضوء كتابنا المجيد - لوضع الإنسان في الكون، وللغاية من إيجاده وللحكمة في خلقه ..
ومن: معرفتنا بما أضفاه عليه خالقه، من كرامة وعزة وتفضيل على كثير من خلقه ..
ومن: استبصارنا بما أحاطه به ربه - جل وعلا - من نعم لا تعد ولا تحصى ..
ومن: تمثلنا الحق لمفهوم الأمة، التي تجسد وحدة المسلمين، على اختلاف أقطارهم وشعوبهم.
ومن: إدراكنا العميق، لما يعانيه عالم اليوم من أوضاع فاسدة، ونظم آثمة ...
ومن: رغبتنا الصادقة، في الوفاء بمسؤوليتنا تجاه المجتمع الإنساني، كأعضاء فيه …
ومن: حرصنا على أداء أمانة البلاغ التي وضعها الإسلام في أعناقنا … سعيا من اجل إقامة حياة أفضل ...
تقوم على الفضيلة وتتطهر من الرذيلة …
يحل فيها التعاون بدل التناكر والإخاء مكان العداوة …
يسودها التعاون والسلام بديلا من الصراع والحروب …
حياة يتنفس فيها الإنسان معاني:
الحرية، والمساواة، والإخاء، والعزة والكرامة …
بدلا أن يختنق تحت ضغوط:
العبودية، والتفرقة العنصرية، والطبقية، والقهر والهوان …
وبهذا يتهيأ لأداء رسالته الحقيقة في الوجود:
عبادة لخالقه تعالى.
وعمارة شاملة للكون.
تتيح له أن يستمتع بنعم خالقه، وأن يكون بارا بالإنسانية التي تمثل - بالنسبة له - أسرة أكبر، يشده إليها إحساس عميق بوحدة الأصل الإنساني، التي تنشأ رحما موصولة بين جميع بني آدم.
انطلاقا من هذا كله:
نعلن نحن معشر المسلمين، حملة لواء الدعوة إلى الله - في مستهل القرن الخامس عشر الهجري - هذا البيان باسم الإسلام، عن حقوق الإنسان مستمدة من القرآن الكريم و"السنة النبوية" المطهرة.
وهى - بهذا الوضع - حقوق أبدية، لا تقبل حذفا ولا تعديلا ... ولا نسخا ولا تعطيلا …
أنها حقوق شرعها الخالق - سبحانه - فليس من حق بشر - كائنا من كان - أن يعطلها، أو يعتدي عليها، ولا تسقط حصانتها الذاتية، لا بإرادة الفرد تنازلا عنها، ولا بإرادة المجتمع ممثلا فيما يقيمه من مؤسسات أيا كانت طبيعتها، وكيفما كانت السلطات التي تخولها.
إن إقرار هذه الحقوق هو المدخل الصحيح لإقامة مجتمع إسلامي حقيقي …
1- مجتمع: الناس جميعا فيه سواء، لا إمتياز ولا تمييز بين فرد وفرد على أساس من أصل أو عنصر، أو جنس، أو لون، أو لغة، أو دين.
2- مجتمع: المساواة فيه أساس التمتع بالحقوق، والتكليف بالواجبات … مساواة تنبع من وحدة الأصل الإنساني المشترك: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى" (الحجرات: الآية 13). ومما أسبغه الخالق - جل جلاله - على الإنسان من تكريم " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" (الإسراء: الآية 70).
3- مجتمع: حرية الإنسان فيه مرادفة لمعنى حياته سواء، يولد بها، ويحقق ذاته في ظلها، آمنا من الكبت، والقهر، والإذلال، والاستعباد.
4- مجتمع: يرى في الأسرة نواة المجتمع، ويحوطها بحمايته وتكريمه، ويهيىء لها كل أسباب الاستقرار والتقدم.
5- مجتمع: يتساوى فيه الحاكم والرعية، أمام شريعة من وضع الخالق - سبحانه - دون امتياز أو تمييز.
6- مجتمع: السلطة فيه أمانة، توضع في عنق الحاكم، ليحقق ما رسمته الشريعة من غايات، وبالمنهج الذي وضعته لتحقيق هذه الغايات.
7- مجتمع: يؤمن كل فرد فيه أن الله - وحده هو مالك الكون كله، وأن كل ما فيه مسخر لخلق الله جميعا، عطاء من فضله، دون استحقاق سابق لأحد، ومن حق كل إنسان أن ينال نصيبا عادلا من هذا العطاء الإلهي: "وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه" (الجاثية: الآية 13).
8- مجتمع: تقرر فيه السياسات التي تنظم شئون الأمة، وتمارس السلطات التي تطبقها وتنفذها "بالشورى": "وأمرهم شورى بينهم" (الشورى: الآية 38).
9- مجتمع: تتوافر فيه الفرص المتكافئة، ليتحمل كل فرد فيه من المسئوليات بحسب قدرته وكفاءته وتتم محاسبته عليها دنيويا أمام أمته وأخرويا أمام خالقه "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" (رواه الخمسة).
10- مجتمع: يقف فيه الحاكم والمحكوم على قدم المساواة أمام القضاء، حتى في إجراءات التقاضي.
11- مجتمع: كل فرد فيه هو ضمير مجتمعه، ومن حقه أن يقيم الدعوى - حسبة - ضد أي إنسان يرتكب جريمة في حق المجتمع، وله أن يطلب المساندة من غيره ... وعلى الآخرين أن ينصروه ولا يخذلوه في قضيته العادلة.
12- مجتمع: يرفض كل ألوان الطغيان، ويضمن لكل فرد فيه: الأمن، والحرية، والكرامة والعدالة بالتزام ما قررته شريعة الله للإنسان من حقوق، والعمل على تطبيقها، والسهر على حراستها ... تلك الحقوق التي يعلنها للعالم: "هذا البيان"
حقوق الإنسان في الإسلام
(أ) حياة الإنسان مقدسة ... لا يجوز لأحد أن يعتدي عليها: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" (المائدة: 32). ولا تسلب هذه القدسية إلا بسلطان الشريعة وبالإجراءات التي تقرها.
(ب) كيان الإنسان المادي والمعنوي حمى، تحميه الشريعة في حياته، وبعد مماته، ومن حقه الترفق والتكريم في التعامل مع جثمانه: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه" (رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي). ويجب ستره سوءاته وعيوبه الشخصية: "لا تسبو الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا" (رواه البخاري).
(أ) حرية الإنسان مقدسة - كحياته سواء - وهي الصفة الطبيعية الأولى التي بها يولد الإنسان: "ما من مولود إلا ويولد على الفطرة" (رواه الشيخان). وهي مستصحبة ومستمرة ليس لأحد أن يعتدي عليها: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" من كلمة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه. ويجب توفير الضمانات الكافية لحماية حرية الأفراد، ولا يجوز تقييدها أو الحد منها إلا بسلطان الشريعة، وبالإجراءات التي تقرها.
(ب) لا يجوز لشعب أن يعتدي على حرية شعب آخر، وللشعب المعتدى عليه أن يرد العدوان، ويسترد حريته بكل السبل الممكنة: "ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل" (الشورى: 41). وعلى المجتمع الدولي مساندة كل شعب يجاهد من أجل حريته، ويتحمل المسلمون في هذا واجبا لا ترخص فيه: "الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر" (الحج: 41).
(أ) الناس جميعا سواسية أمام الشريعة: "لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى" من خطبة للنبي صلى الله عليه وسلم. ولا تمايز بين الأفراد في تطبيقها عليهم: "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" (رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي). ولا في حمايتها إياهم: "ألا إن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ الحق له، وأقواكم عندي الضعيف حتى آخذ الحق منه" من خطبة لأبي بكر رضي الله عنه عقب توليته خليفة على المسلمين.
(ب) الناس كلهم في القيمة الإنسانية سواء: "كلكم لآدم وآدم من تراب" من خطبة حجة الوداع. وإنما يتفاضلون بحسب عملهم: "ولكل درجات مما عملوا"(الأحقاف: 19)، ولا يجوز تعريض شخص لخطر أو ضرر بأكثر مما يتعرض له غيره: "المسلمون تتكافأ دماؤهم" (رواه أحمد). وكل فكر وكل تشريع، وكل وضع يسوغ التفرقة بين الأفراد على أساس الجنس، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الدين، هو مصادرة مباشرة لهذا المبدأ الإسلامي العام.
(ج) لكل فرد حق في الانتفاع بالموارد المادية للمجتمع من خلال فرصة عمل مكافئة لفرصة غيره: "امشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" (الملك: 15). ولا يجوز التفرقة بين الأفراد في الأجر، ما دام الجهد المبذول واحدا، والعمل المؤدي واحدا كما وكيفا: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره" (الزلزلة: 7 و 8).
(أ) من حق كل فرد أن يتحاكم إلى الشريعة، وأن يحاكم إليها دون سواها: "فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول" (النساء: 59)، "وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم" (المائدة: 49).
(ب) من حق الفرد أن يدفع عن نفسه ما يلحقه من ظلم: "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم" (النساء: 148) ومن واجبه أن يدفع الظلم عن غيره بما يملك: "لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما: إن كان ظالما فلينهه وإن كان مظلوما فلينصره" (رواه الشيخان والترمذي). ومن حق الفرد أن يلجأ إلى سلطة شرعية تحميه وتنصفه، وتدفع عنه ما لحقه من ضرر أو ظلم، وعلى الحاكم المسلم أن يقيم هذه السلطة، ويوفر لها الضمانات الكفيلة بحيدتها واستقلالها: "إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه، ويحتمي به" (رواه الشيخان).
(ج) من حق الفرد - ومن واجبه - أن يدافع عن حق أي فرد آخر، وعن حق الجماعة "حسبة": "ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها" (رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي) - يتطوع بها حسبة دون طلب من أحد -.
(د) لا تجوز مصادرة حق الفرد في الدفاع عن نفسه تحت أي مسوغ: "إن لصاحب الحق مقالا" (رواه الخمسة)، "إذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر، كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء" (رواه أبو داود والترمذي بسند حسن).
(هـ) ليس لأحد أن يلزم مسلما بأن يطيع أمرا يخالف الشريعة، وعلى الفرد المسلم أن يقول: "لا" في وجه من يأمره بمعصية، أيا كان الأمر: "إذا أمر بمعصية لا سمع ولا طاعة" (رواه الخمسة). ومن حقه على الجماعة أن تحمي رفضه تضامنا مع الحق: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه""(رواه البخاري).
(أ) البراءة هي الأصل: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين" (رواه البخاري). وهو مستصحب ومستمر حتى مع إتهام الشخص ما لم تثبت إدانته أمام محكمة عادلة إدانة نهائية.
(ب) لا تجريم إلا بنص شرعي: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" (الإسراء: 15)، ولا يعذر مسلم بالجهل بما هو معلوم من الدين بالضرورة، ولكن ينظر إلى جهله - متى ثبت - على أنه شبهة تدرأ بها الحدود فحسب: "وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم" (الأحزاب: 5).
(ج) لا يحكم بتجريم شخص، ولا يعاقب على جرم إلا بعد ثبوت إرتكابه له بأدلة لا تقبل المراجعة، أمام محكمة ذات طبيعة قضائية كاملة: "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" (الحجرات: 6). "وإن الظن لا يغني من الحق شيئا" (النجم: 28).
(د) لا يجوز - بحال - تجاوز العقوبة، التي قدرتها الشريعة للجريمة: "تلك حدود الله فلا تعتدوها" (البقرة: 229)، ومن مبادئ الشريعة مراعاة الظروف والملابسات، التي ارتكبت فيها الجريمة درءا للحدود: "ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله" (رواه البيهقي والحاكم بسند صحيح).
(هـ) لا يؤخذ إنسان بجريرة غيره: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" (الإسراء: 15)، وكل إنسان مستقل بمسئوليته عن أفعاله: "كل امرئ بما كسب رهين" (الطور: 21)، ولا يجوز بحال - أن تمتد المساءلة إلى ذويه من أهل وأقارب، أو أتباع وأصدقاء: "معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون" (يوسف: 79).
لكل فرد الحق في حمايته من تعسف السلطات معه، ولا يجوز مطالبته بتقديم تفسير لعمل من أعماله أو وضع من أوضاعه، ولا توجيه اتهام له إلا بناء على قرائن قوية تدل على تورطه فيما يوجه إليه: "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا" (الأحزاب: 58).
(أ) لا يجوز تعذيب المجرم فضلا عن المتهم: "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا" (رواه الخمسة)، كما لا يجوز حمل الشخص على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها، وكل ما ينتزع بوسائل الإكراه باطل: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (رواه ابن ماجه بسند صحيح).
(ب) مهما كانت جريمة الفرد، وكيفما كانت عقوبتهما المقدرة شرعا، فإن إنسانيته، وكرامته الآدمية تظل مصونة.
عرض الفرد، وسمعته حرمة لا يجوز انتهاكها: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" من خطبة الوداع. ويحرم تتبع عوراته، ومحاولة النيل من شخصيته، وكيانه الأدبي: "ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا" (الحجرات: 12)، "ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابذوا بالألقاب" (الحجرات: 11).
(أ) من حق كل مسلم مضطهد أو مظلوم أن يلجأ إلى حيث يأمن، في نطاق دار الإسلام. وهو حق يكفله الإسلام لكل مضطهد، أيا كانت جنسيته، أو عقيدته، أو لونه ويحمل المسلمين واجب توفير الأمن له متى لجأ إليهم: "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه" (التوبة: 6).
(ب) بيت الله الحرام - بمكة المشرفة - هو مثابة وأمن للناس جميعا لا يصد عنه مسلم: "ومن دخله كان آمنا" (آل عمران: 97). "وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا" (البقرة: 256)، "سواء العاكف فيه والباد" (الحج: 25).
(أ) الأوضاع الدينية للأقليات يحكمها المبدأ القرآني العام: "لا إكراه في الدين" (البقرة: 256).
(ب) الأوضاع المدنية، والأحوال الشخصية للأقليات تحكمها شريعة الإسلام إن هم تحاكموا إلينا: "فإن جاءوك فأحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فأحكم بينهم بالقسط" (المائدة: 42). فإن لم يتحاكموا إلينا كان عليهم أن يتحاكموا إلى شرائعهم ما دامت تنتمي - عندهم - لأصل إلهي: "وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك" (المائدة: 43)، "وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه" (المائدة: 47).
(أ) من حق كل فرد في الأمة أن يعلم بما يجري في حياتها، من شؤون تتصل بالمصلحة العامة للجماعة، وعليه أن يسهم فيها بقدر ما تتيح له قدراته ومواهبه، إعمالا لمبدأ الشورى: "وأمرهم شورى بينهم" (الشورى: 38). وكل فرد في الأمة أهل لتولي المناصب والوظائف العامة، متى توافرت فيه شرائطها الشرعية، ولا تسقط هذه الأهلية، أو تنقص تحت أي اعتبار عنصري أو طبقي: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم" (رواه أحمد).
(ب) الشورى أساس العلاقة بين الحاكم والأمة، ومن حق الأمة أن تختار حكامها. بإرادتها الحرة، تطبيقا لهذا المبدأ، ولها الحق في محاسبتهم وفي عزلهم إذا حادوا عن الشريعة: "إني وليت عليكم ولست بخيركم فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فقومومني. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيت فلا طاعة لي عليكم" من خطبة أبي بكر رضي الله عنه عقب توليته الخلافة.
(أ) لكل شخص أن يفكر، ويعتقد، ويعبر عن فكره ومعتقده، دون تدخل أو مصادرة من أحد ما دام يلتزم الحدود العامة التي أقرتها الشريعة، ولا يجوز إذاعة الباطل، ولا نشر ما فيه ترويج للفاحشة أو تخذيل للأمة: "لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا، ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا" (الأحزاب: 60 و 61).
(ب) التفكير الحر - بحثا عن الحق - ليس مجرد حق فحسب، بل هو واجب كذلك: "قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا" (سبأ: 46).
(ج) من حق كل فرد ومن واجبه: أن يعلن رفضه للظلم، وإنكاره له، وأن يقاومه، دون تهيب مواجهة سلطة متعسفة، أو حاكم جائر، أو نظام طاغ .. وهذا أفضل أنواع الجهاد: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة حق عند سلطان جائر" (رواه الترمذي والنسائي بسند حسن).
(د) لا حظر على نشر المعلومات والحقائق الصحيحة، إلا ما يكون في نشره خطر على أمن المجتمع والدولة: "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" (النساء: 83).
(هـ) احترام مشاعر المخالفين في الدين من خلق المسلم، فلا يجوز لأحد أن يسخر من معتقدات غيره، ولا أن يستعدي المجتمع عليه: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم، كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم" (الأنعام: 108).
لكل شخص: حرية الاعتقاد، وحرية العبادة وفقا لمعتقده: "لكم دينكم ولي دين" (الكافرون: 6).
(أ) لكل فرد الحق أن يشارك - منفردا ومع غيره - في حياة الجماعة: دينيا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، الخ، وأن ينشئ من المؤسسات، ويصطنع من الوسائل ما هو ضروري لممارسة هذا الحق: "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله، على بصيرة أنا ومن اتبعني" (يوسف: 108).
(ب) من حق كل فرد ومن واجبه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأن يطالب المجتمع بإقامة المؤسسات التي تهيئ للأفراد الوفاء بهذه المسئولية، تعاونا على البر والتقوى: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" (آل عمران: 104)، "وتعانوا على البر والتقوى" (المائدة: 12)، "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب" (رواه أصحاب السنن بسند صحيح).
(أ) الطبيعة - بثرواتها جميعا- ملك لله تعالى: "لله ملك السموات والأرض وما فيهن" (المائدة: 120). وهى عطاء منه للبشر، منحهم حق الانتفاع بها: "وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا" (الجاثية: 13). وحرم عليهم إفسادها وتدميرها: ولا تعثوا في الأرض مفسدين" (الشعراء: 183). ولا يجوز لأحد أن يحرم آخر أو يعتدي على حقه في الانتفاع بما في الطبيعة من مصادر الرزق: "وما كان عطاء ربك محظورا" (الإسراء: 20).
(ب) لكل إنسان أن يعمل وينتج، تحصيلا للرزق من وجوهه المشروعة: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها" (هود: 6)، "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" (الملك: 15).
(ج) الملكية الخاصة مشروعة - على انفراد ومشاركة - ولكل إنسان أن يقتني ما اكتسبه بجهده وعمله: "وأنه هو أغنى وأقنى" (النجم: 48). والملكية العامة مشروعة، وتوظف لمصلحة الأمة بأسرها: "ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم" (الحشر: 7).
(د) لفقراء الأمة حق مقرر في مال الأغنياء، نظمته الزكاة، "والذين في أموالهم حق معلوم. للسائل والمحروم" (المعارج: 24 و 25). وهو حق لا يجوز تعطيله، ولا منعه، ولا الترخص فيه، من قبل الحاكم، ولو أدى به الموقف إلى قتال مانعي الزكاة: "والله لو منعوني عقالا، كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه" من كلام أبي بكر رضي الله عنه في مشاورته الصحابة في أمر مانعي الزكاة.
(هـ) توظيف مصادر الثروة، ووسائل الإنتاج لمصلحة الأمة واجب، فلا يجوز إهمالها ولا تعطيلها: "ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بالنصيحة إلا لما يجد رائحة الجنة" (رواه الشيخان)، كذلك لا يجوز استثمارها فيما حرمته الشريعة، ولا فيما يضر بمصلحة الجماعة.
(و) ترشيدا للنشاط الاقتصادي، وضمانا لسلامته، حرم الإسلام:
1- الغش بكل صوره: "ليس منا من غش" (رواه مسلم).
2- الغرر والجهالة، وكل ما يفضي إلى منازعات، لا يمكن إخضاعها لمعايير موضوعية: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر" (رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي)، "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد" (رواه الخمسة).
3- الاستغلال والتغابن في عمليات التبادل: "ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون. وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون" (المطففين: 1 و 2).
4- الاحتكار، وكل ما يؤدي إلى منافسة غير متكافئة: "لا يحتكر إلا خاطئ" (رواه مسلم).
5- الربا، وكل كسب طفيلي، يستغل ضوائق الناس: "وأحل الله البيع وحرم الربا" (البقرة: 275).
6- الدعايات الكاذبة والخادعة: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن غشا وكذبا محقت بركة بيعهما" (رواه الخمسة).
(ز) رعاية مصلحة الأمة، والتزام قيم الإسلام العامة، هما القيد الوحيد على النشاط الاقتصادي، في مجتمع المسلمين.
لا يجوز انتزاع ملكية نشأت عن كسب حلال، إلا للمصلحة العامة: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" (البقرة: 188)، ومع تعويض عادل لصاحبها: "من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين" (رواه البخاري). وحرمة الملكية العامة أعظم، وعقوبة الاعتداء عليها أشد لأنه عدوان على المجتمع كله، وخيانة للأمة بأسرها: "من استعملناه منكم على عمل فكتمنا منه مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة" (رواه مسلم). "قيل يا رسول الله: إن فلانا قد استشهد! قال: كلا! لقد رأيته في النار بعباءة قد غلها. ثم قال: يا عمر: قم فناد: إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون - ثلاثا-" (رواه مسلم والترمذي).
"العمل": شعار رفعه الإسلام لمجتمعه: "وقل اعملوا" (التوبة: 105)، وإذا كان حق العمل: الإتقان: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" (رواه أبو يعلى، مجمع الزوائد، جـ 4).
فإن حق العامل:
1- أن يوفى أجره المكافئ لجهده دون حيف عليه أو مماطلة له: "أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه" (رواه ابن ماجة بسند جيد).
2- أن توفر له حياة كريمة تتناسب مع ما يبذله من جهد وعرق: "ولكل درجات مما عملوا" (الأحقاف: 19).
3- أن يمنح ما هو جدير به من تكريم المجتمع كله له: "اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" (التوبة: 105). "إن الله يحب المؤمن المحترف" (رواه الطبراني، مجمع الزائد، جـ 4).
4- أن يجد الحماية التي تحول دون غبنه واستغلال ظروفه قال الله تعالى: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه حقه" (رواه البخاري (حديث قدسي)).
من حق الفرد أن ينال كفايته من ضروريات الحياة .. من طعام، وشراب، وملبس، ومسكن .. ومما يلزم لصحة بدنه من رعاية، وما يلزم لصحة روحه، وعقله، من علم، ومعرفة، وثقافة، في نطاق ما تسمح به موارد الأمة - ويمتد واجب الأمة في هذا ليشمل ما لا يستطيع الفرد أن يستقل بتوفيره لنفسه من ذلك: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" (الأحزاب: 6).
(ب) الزواج - بإطاره الإسلامي - حق لكل إنسان، وهو الطريق الشرعي لبناء الأسرة وإنجاب الذرية، واعفاف النفس: "يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء" (النساء: 1).
لكل من الزوجين قبل الآخر - عليه وله - حقوق وواجبات متكافئة قررتها الشريعة" "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" (البقرة: 228)، وللأب تربية أولاده: بدينا، وخلقيا، ودينيا، وفقا لعقيدته وشريعته، وهو مسئول عن اختياره الوجهة التي يوليهم إياها: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" (رواه الخمسة).
(ب) لكل من الزوجين - قبل الآخر - حق احترامه، وتقدير مشاعره، وظروفه، في إطار من التواد والتراحم: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" (الروم: 21).
(ج) على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده دون تقتير عليهم: "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله" (الطلاق: 7).
(د) لكل طفل على أبويه حق إحسان تربيته، وتعليمه، وتأديبه: "وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" (الإسراء: 24)، ولا يجوز تشغيل الأطفال في سن باكرة، ولا تحميلهم من الأعمال ما يرهقهم، أو يعوق نموهم أو يحول بينهم وبين حقهم في اللعب والتعلم.
(هـ) إذا عجز والدا الطفل عن الوفاء بمسئوليتهما نحوه، انتقلت هذه المسئولية إلى المجتمع، وتكون نفقات الطفل في بيت مال المسلمين - الخزانة العامة للدولة -: "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، فمن ترك دينا أو ضيعة [ضيعة: أي ذرية ضعافا يخشى عليهم الضياع] فعلي، ومن ترك مالا فلورثته" (رواه الشيخان وأبو داود والترمذي).
(و) ولكل فرد في الأسرة أن ينال منها ما هو في حاجة إليه: من كفاية مادية، ومن رعاية وحنان، في طفولته، وشيخوخته، وعجزه وللوالدين على أولادهما حق كفالتهما ماديا ورعايتهما بدنيا، ونفسيا: "أنت ومالك لوالدك" (رواه أبو داود بسند حسن).
(ز) للأمومة حق في رعاية خاصة من الأسرة: "يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك قال (السائل): ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من: قال: أمك: قال: ثم من؟ قال: أبوك" (رواه الشيخان).
(ح) مسئولية الأسرة شركة بين أفرادها، كل بحسب طاقته، وطبيعة فطرته، وهى مسئولية تتجاوز دائرة الآباء والأولاد، لتعم الأقارب وذوي الأرحام: "يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك! ثم أمك! ثم أمك! ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب" (رواه أبو داود والترمذي بسند حسن).
(ط) لا يجبر الفتى أو الفتاة على الزواج ممن لا يرغب فيه: "جاءت جارية بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهى كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم" (رواه أحمد وأبو داود).
(أ) أن تعيش مع زوجها حيث يعيش "أسكنوهن من حيث سكنتم" (رواه أحمد وأبو داود).
(ب) أن ينفق عليها زوجها بالمعروف طوال زواجهما، وخلال فترة عدتها إن هو طلقها: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" (الطلاق:6). "وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن" (النساء: 34)، وأن تأخذ من مطلقها نفقة من تحضنهم من أولاده منها، بما يتناسب مع كسب أبيه "فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن" (الطلاق: 6).
(ج) تستحق الزوجة هذه النفقات أيا كان وضعها المالي وأيا كانت ثروتها الخاصة.
(د) للزوجة: أن تطلب من زوجها: إنهاء عقد الزواج - وديا - عن طريق الخلع: "فإن خفتم ألا يقيما [الزوجان] حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به" (البقرة: 229). كما أن لها أن تطلب التطليق قضائيا في نطاق أحكام الشريعة.
(هـ) للزوجة حق الميراث من زوجها، كما ترث من أبويها، وأولادها، وذوي قرابتها: "ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم" (النساء: 12).
(و) على كلا الزوجين أن يحفظ غيب صاحبه، وألا يفشي شيئا من أسراره، وألا يكشف عما قد يكون به من نقص خلقي أو خُلقي، ويتأكد هذا الحق عند الطلاق وبعده: "ولا تنسوا الفضل بينكم" (البقرة: 237).
(أ) التربية الصالحة حق الأولاد على الآباء، كما أن البر وإحسان المعاملة حق الآباء على الأولاد: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمها كما ربياني صغيرا" (الإسراء: 23 و 24).
(ب) التعليم حق للجميع، وطلب العلم واجب على الجميع ذكورا وإناثا على السواء: "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" (رواه ابن ماجة).
والتعليم حق لغير المتعلم على المتعلم:"وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون" (آل عمران: 187)، "ليبلغ الشاهد الغائب" من خطبة حجة الوداع.
(ج) على المجتمع أن يوفر لكل فرد فرصة متكافئة، ليتعلم ويستنير: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. وإنما أنا قاسم والله - عز وجل - يعطي" (رواه الشيخان). ولكل فرد أن يختار ما يلائم مواهبه وقدراته: "كل ميسر لما خلق له" (رواه الشيخان وأبو داود والترمذي).
سرائر البشر إلى خالقهم وحده: "أفلا شققت عن قلبه" رواه مسلم، وخصوصياتهم حمى، لا يحل التسور عليه: "ولا تجسسوا" (الحجرات: 12). يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يفض الإيمان إلى قلبه: "لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله" (رواه أبو داود والترمذي واللفظ هنا له).
(أ) من حق كل فرد أن تكون له حرية الحركة، التنقل من مكان إقامته وإليه، وله حق الرحلة والهجرة من موطنه، والعودة إليه دون ما تضييق عليه، أو تعويق له: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" (الملك: 15)، "قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين" (الأنعام: 11)، "ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها" (النساء: 97).
(ب) لا يجوز إجبار شخص على ترك موطنه، ولا إبعاده عنه - تعسفا - دون سبب شرعي: "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله" (البقرة: 217).
(ج) دار الإسلام واحدة .. وهى وطن لكل مسلم، لا يجوز أن تقيد حركته فيها بحواجز جغرافية، أو حدود سياسية .. وعلى كل بلد مسلم أن يستقبل من يهاجر إليه أو يدخله من المسلمين استقبال الأخ لأخيه: "والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" (الحشر: 9).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،،،
اكتفينا باستخدام لفظ "حقوق" ولم نستخدم معه لفظ "واجبات" لأن كل ما هو "حق" لفرد هو "واجب" على آخر (حق الرعية = واجب على الراعي، حق الوالد = واجب على الولد، حق الزوجة = واجب على الزوج، وبالعكس حق الراعي = واجب على الرعية، الخ). ومادامت حقوق الإنسان في الإسلام شاملة جميع الأفراد، على اختلاف مواقعهم وعلاقاتهم فقد أصبح ما هو "الحق" من وجه .. هو "الواجب" من وجه آخر!.
_______________________
- ننوه بأننا اكتفينا باستخدام لفظ "حقوق" ولم نستخدم معه لفظ "واجبات" لأن كل ما هو "حق" لفرد هو "واجب" على آخر (حق الرعية = واجب على الراعي، حق الوالد = واجب على الولد، حق الزوجة = واجب على الزوج، وبالعكس حق الراعي = واجب على الرعية، الخ). ومادامت حقوق الإنسان في الإسلام شاملة جميع الأفراد، على اختلاف مواقعهم وعلاقاتهم فقد أصبح ما هو "الحق" من وجه .. هو "الواجب" من وجه آخر!.
Comments
No Results Found